النفس البشرية2

بسم الله الرحمن الرحيم(ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها )
ايها الاحبة لقد عنى الاسلام عناية شديدة بالنفس وما يتعلق بها من امور واعطاها مكانة كبيرة فى حياة الانسان وفى تصرفاته بل انه جعل كل تصرفات الانسان نابعة عن هذه النفس فالانسان يتحرك طبقا لميوله ورغباته وشهواته

والنفس هى اساس الرغبات والشهوات فى الانسان بل انها هى المصدر الاصلى الذى تنبع منه كل ميولات الانسان ولقد كان الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-اعظم اطباء النفوس واعظم المعالجين لها وهو الذى وضع القاعدة العظيمة ان اعظم جهاد هو جهاد النفسوالنفس البشرية لاى انسان منا تتكون من جزئين الجزء الاول وهو الجزء الروحى او النورانى (ونفخ فيه من روحه)والجزء الثانى هو الجزء الارضى (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين)
وبين هذين الشقين تدور الصراعات داخل الانسان منا فالشق الروحى يريد ان يسمو فوق الحياة يريد ان يسمو ليصعد الى النورانية التى منها خلق اما الشق الاخر وهو الشق الارضى فانه ينازع الاخر ليصل الى ما يريد فهو يريد ان يصل الى شهواته وغرائزه ولكل من الشقين حدود يجب الا يتخطاها فالشق الروحانى اذا تمادى وطغى على الشق المادى فانه يصل بالانسان الى حالة مرزية حالة لا يجب ان يكون عليه ولم يردها له خالقه العظيم

وهكذا الشق الثانى المادى فهو ايضا اذا تمادى فى تحقيق شهواته فانه يصل بالانسان الى حالة اشد خطورة وضراوة انه لن يصل بالانسان منا الى حالة الحيوانية -فالحيوان مسير فى غرائزه وشهواته لذا فانها لن تضره لانه مجبول على قدر معين من هذه الغرائز متى استوفاه توقف ولم يتعداه-اما الانسان منا فان شهواته ستصل به الى حالة ادنى بكثير من الحيوانية لذا كان لابد من الموافقة بين هاتان الطبيعتان الموجودتان فى الانسان وكان لابد من منهج يوفق بين هذه المتطلبات المختلفة حتى لا يقع الانسان ضحية لهذه الصراعات التى ستدور بداخله فهو وان اصبح روحانى فان روحه ستظل فى حالة جوع شديد الى غرائزها ويكون فى كل لحظة من حياته على وشك الانهيار والضياع بل والسقوط من قمة الجبل الروحى الذى وصل اليه

والانسان منا ايضا اذا اطلق لشهواته العنان فانه سرعان ماسيتحول الى كائن شهوانى يتحرك ويسكن ويثور ويغضب وفقا لهذه الشهوات والغرائز

وقد راينا كلا الامرين فى الواقع فرهبان بنى اسرائيل الذين تساموا فى الروحانية واهملوا المادية اهمالا كاملا فانهم كانوا سرعان مايتهاووا فى مدارك الشهوات والغرائز والان نرى الحضارة المادية فى الدول الاسكندنافية والغربية فقد استكملت جوانب المادية كلها ولكنها اغفلت الجانب الروحى اغفالا كليا فكانت النتيجة انها حازت اعلى معدلات الانتحار فى العالم

بل ان معدلات الانتحار تتناسب تناسبا طرديا مع ارتفاع مستوى المعيشة ومن هنا كانت الحاجة ضرورية وملحة الى منهج شامل يجمع بين المنهجين ويوفق بينهما وفاقا يؤدى الى راحة الانسان وسعادته وبالدراسة والتحليل نجد ان هذا المنهج الذى يوفق بين المنهج المادى والروحى هو المنهج الاسلامى الذى حدده الرسول الكريم - -وارسى قواعده وقوانينه بقوله (اما انا فاصوم وافطر واصلى وانام واتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى) ومع المنهج الاسلامى النفسى وقواعده وقوانينه نكمل حديثنا ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته