الحلقة الثانية التشكيل الوزارى الجديد
عدت الى البيت بعد ان ودعت الدكتور حمدى ثم تناولنا الافطار جميعا وبعد هذا ركبت سيارتى وذهبت الى مستشفى السلام الدولى وبينما انا فى الطريق اخذت الافكار تتوارد على ذهنى بل ان الكثير من المشاهد واللحظات السابقة فى حياتى والتى عشتها وعايشتها قبل ذلك اخذت تتسابق هى الاخرى داخل عقلى وبالطبع فانى حمدت الله ان الطريق كان خاليا والجو كان مناسبا لقيادة السيارة وإلا فما كنت سأستطيع ان اكمل المشوار مع هذا القدر الهائل من الافكار والذكريات
تذكرت تلك الايام البعيدة عندما فازت حماس بالانتخابات التشريعية وكيف اصبح من حقها تشكيل الحكومة الفلسطينية والعقبات والصعوبات والشدائد التى قاستها وصمودها وانتصارها وتلك الحروب الضروس التى خاضتها وخاضها معها الشعب الفلسطينى وهو صابر محتسب وكيف استطاعت بعد ذلك ان تعود بالقضية الفلسطينية الى حدود 67والانجازات العظيمة التى حققتها وتذكرت ايام كنت فى لندن فى احدى الليالى الجليدية اذاكر لامتحانات الدكتوراة فى جراحة المخ والأعصاب عندما جائنى احد اصدقائى الانجليز فرحا مستبشرا يهنئنى بان مصر تمت فيها انتخابات حرة نزيهة لأول مرة فى تاريخها الحديث
ثم عادت ذاكرتى الى الوراء اكثر فأكثر وتذكرت عندما كنت استيقظ فى بعض الليالى بعد منتصف الليل او قبيل الفجر وعندما اسمع صوت سيارة او مركبة تمر من امام البيت اسرع الى النافذة لأرى فلعلهم هم وأتذكر تلك الليالى الجميلة التى لا تنسى والتى كنا نقضيها فى انشطتنا الدعوية تظللنا الاخوة ويرفرف فوقنا الود والحب والإيمان وأتذكر دعائنا عندما كنا ندعى اللهم ائذن لدينك ان يسود وللإسلام ان يحكم ويعود
ذكريات وذكريات ظلت ترافقنى حتى وصلت الى مستشفى السلام وهناك قابلت الدكتور علاء احد اعضاء فريقى الطبى ودكتور جراحة المخ والأعصاب وراجعنا سويا التقارير الخاصة بالمريض الذى سنقوم بإجراء العملية له
انهيت العملية الجراحية وكانت الساعة تقترب من التاسعة والربع فانصرفت من المستشفى قاصدا مكتب الارشاد فكنت اريد ان التقى بالمرشد وأهنئه وأهنئ من القاه هناك من اخوانى ولعلنى القى هناك احد اعضاء المكتب السياسى فأرافقه الى مقر الحزب
دقت الساعة التاسعة وخمسين دقيقة كنت اقف وقتها امام مقر الحزب انتظر الاستاذ احمد فوده بعد ان رايته قادما من بعيد وبينما كان على بعد خطوات منى داعبنى قائلا(انا مش قلت لكم انتم هاتجيبوا درافها) فابتسمت وفتحت ذراعى لاحتضنه كان الاخ احمد من المؤيدين لفكرة المشاركة فى هذه المرحلة وكان يرفض فكرة المغالبة ويقول ان الوقت لم يحن بعد لتحمل مسئولية تشكيل الوزارة والمنافسة على قيادة البلد وإدارتها وكان رأيى غير هذا كانت كل الدلائل تشير الى رقى المجتمع وتفهمه لرسالتنا واحتضانه للدعوة على اختلاف طبقاته وهيئاته وكانت كل الاختبارات والاستبيانات واستطلاعات الرأى تشير الى اننا احرزنا تقدما كبيرا فى مرحلة ارشاد المجتمع وانه حان وقت جنى الثمار وهى اذا تركت فسدت واستقرت الشورى على اننا سنخوض الانتخابات وسنستعد لمهام تشكيل الحكومة وانه وان كانت الانتخابات مغالبة فان تشكيل الحكومة سيكون مشاركة
احتضنت الاخ احمد فودة بين ذراعى ثم تأبطت ذراعه وصعدنا سويا الى قاعة المؤتمرات فى مقر الحزب وهو لا يكف عن مداعباته الظريفة لكل من نلقاه من اخواننا والعاملين معنا فى الحزب
وبدأنا اول اجتماع لنا بعد فوزنا فى الانتخابات التشريعية وسط جو من الفرح والاستبشار والشكر لله ان وفقنا واستعملنا لنصرة دينه
افتتح الاجتماع فضيلة المرشد العام ثم وكل ادارة الاجتماع الى الاخ الفاضل احمد صادق رئيس الحزب ودارت المناقشات حول المرحلة القادمة والخطة التى وضعناها لها واستعداداتنا السابقة لهذه المرحلة والاتصالات المكثفة التى سنبدأ فيها مع الشخصيات المرشحة لمناصب الوزارة والشخصيات المرشحة لمنصب رئيس الوزراء والتى كنا قد عرضناها قبل ذلك فى برنامجنا الانتخابى كما ناقشنا برنامج الاجتماع الموسع الذى سيتم عصر اليوم بحضور اعضاء القائمة الاربعمائة
استمر الاجتماع فى مقر الحزب حتى الثالثة عصرا ثم انصرفنا مباشرة الى المركز الرئيسى فى مدينة نصر حيث سيعقد الاجتماع وهناك كان من مهامى الاساسية استقبال الضيوف الذين وجهت اليهم دعوة من مكتب الارشاد لحضور الاجتماع وتنظيم فقرات اللقاء مع الاعلامى الكبير الاستاذ احمد محسن والذى كان سيتولى ادارة فقرات الاجتماع
بدا الضيوف فى الحضور وكنا فى انتظارهم بعد ان ادينا صلاة العصر فى مسجد المركز الرئيسى وبدأنا الاجتماع الساعة الرابعة عصرا
وفى اثناء متابعتى للاجتماع فوجئت بالهاتف يرن وإذا به الدكتور عبدالرحمن الامين العام للحزب فتحت الهاتف لأرد عليه وقد توقعت ان الخطب ولا بد جلل فما كان ليتصل بى الان إلا لأمر عظيم وبالفعل لقد كان كما توقعت تماما
استأذنت من الاخ احمد فودة فقد كان مسئول اجتماع اعضاء القائمة وأخبرت الاخ احمد محسن بانصرافى وتوجهت مباشرة الى منزل الدكتور عبد الرحمن والذى كان يبعد عن مقر المركز الرئيسى عدة دقائق بالسيارة وهناك وجدت اعضاء لجنة طوارئ الحزب وهى اللجنة المكلفة باتخاذ القرارات السريعة والطارئة
كان الجو داخل المنزل مشدود الى حد كبير حتى طريقة رد السلام كانت توحى بالكثير……كنت مسئول الملف الوزارى بالحزب وهذا يعنى اننى مسئول عن الاتصالات بين الحزب والمرشحين لتولى الوزارات فى الوزارة الجديدة وفو جئت بأحد الاخوة وهو الاخ زكى هلال يقول لى فى صوت مقبوض
كارثة يا اخ ايهاب كارثة غير متوقعه-
قلت فى لهفة
خيران شاء الله يا استاذ زكى فيه ايه ايه اللى حصل-
الدكتور محمد السطوحى واللى كنا اعلنا انه هيكون رئيس الوزراء رافض تماما انه يتولى رئاسة الوزراء والمرشد اتكلم معاه وكلنا اتكلمنا معاه ولكنه مصر اصرار تام على الرفض وعايزين دلوقتى ناخد قرار بتكليفه بتولى رئاسة الوزراء هو بيقول ان الدكتور علاء اجدر منه لتولى المنصب ده وانه مش هيقدر على تحمل الاعباء والتكاليف دية ابدا وانه مش مستعد يتحاسب عن شعب مصر وعن الامة كلها ابدا
خيم صمت على المكان بعد ان انهى الاخ زكى كلامه وأخذت افكر واردد كلماته بينى وبين نفسى انى اعلم جيدا الاخ محمد السطوحى واعلم انه اقدرنا على القيام بهذه المهمة وانه اكثر الشخصيات الاخوانية بل وغير الاخوانية قبولا على كافة المستويات وفى كل المحافل وحتى على الصعيد الدولى فان اعلاننا ان الدكتور محمد السطوحى استاذ السياسة والاقتصاد والمنسق العام السابق لحركة معا من اجل مصر تلك الحركة التى احدثت حراكا سياسيا عظيما بمجرد اعلاننا انه سيكون رئيس الوزراء اذا فازت القائمة الاخوانية لاقى هذا استحسانا دوليا كبيرا وقد كان موافق على ذلك فما الذى حدث ولماذا يرفض الان
وفجأة رفعت هاتفى واتصلت بالدكتور محمد ولم انتظر كثيرا وكأنه كان ينتظر اتصالى وقبل ان ابدأه بالسلام وجدت نفسى اصيح به فى الهاتف اتق الله يا محمد انت عارف كويس اوى ابعاد القرار اللى انت عايز تاخده ده وعارف كمان المشاكل اللى هتحصل بسبب قرارك وتخاذلك وأكيد انك عارف ان المرحلة اللى احنا فيها مش ناقصه مشاكل اكتر من اللى فيها وانت مش اتقى من ابو بكر ولا اورع من عمر ايه اللى انت عايز تعمله بالظبط
وجاء صوته على الطرف الاخر انت عارف يا اايهاب ان المسئولية ضخمة وفى اخوانا من هو اجدر بها منى وانا مش قدها
انت بتقول ايه يا محمد الشورى هى اللى جابتك وانت بالشورى ملزم بالتنفيذ واحنا مش هنسيبك وربنا لن يخذلنا ابدا ولن يضيعنا والله يبقى ليه تتخاذل وتتراجع وتفر
وكان رده فى هذه المرة مخنوقا بدموعه حتى انى سمعت صوت بكاءه وهو يقول ربنا يسترها يا ايهاب ربنا يسترها يا ايهاب
لم اتمالك نفسى فبكيت وبكى كل من كان موجود من اخواننا ونحن نتمثل جميعا عظم المسئولية وخطورة المرحلة المقبلين عليها
يتبع
الحلقة القادمة
(شروط وتنازلات)
No comments:
Post a Comment