خيم الصمت علينا جميعا ولم يقطعه إلا صوت جرس المنزل وإذا بمحمد ابن الدكتور عبد الرحمن يدخل علينا ليخبر اباه ان الدكتور محمد السطوحى امام الباب
انتفض الدكتور عبد الرحمن من مكانه وهب مسرعا ليستقبل الدكتور محمد وسط دهشتنا وفرحتنا جميعا وما ان دخل حتى وقفنا جميعا واحتضناه ولسان حالنا يلهج بالشكر والحمد لله ان انتهى هذا الموقف
لم يكن ضيقنا وأسفنا لرفض الدكتور محمد السطوحى لمسئولية رئاسة الوزراء وإنما لأننا لم نكن نرجو ان يبدأ التراجع مبكرا هكذا وان يكون من اخ نحسبه على خير ولا نزكيه على الله
وجلسنا جميعا وسط جو من الفرح والتفاؤل والاستبشار وكلنا يلتمس العذر للأخ محمد السطوحى فالله وحده يعلم ما ينتظره من مواقف وما سنواجهه جميعا من تحديات
وبدأنا فى طرح الاسماء المرشحة للوزارات المختلفة……. كانت الوزارات مقسمة الى ثلاث مجموعات وثلاث فئات اما الثلاث مجموعات فهى المجموعة الاولى وهى المختصة بشئون المواطن المصرى مباشرة وذلك لما للمواطن من اهمية عظيمة جدا فهو يعتبر حجر الاساس فى عملية النهضة وهو الركيزة الاساسية لأى تقدم او تطور نتمناه لبلادنا
و اما المجموعة الثانية فهى التى تختص ببلدنا الحبيب مصر وهى الوزارات المعنية بنهضته وتقدمه وتطويره وتنميته والتى تعتبر المسارات التى سنتمكن من خلالها من النهوض بوطننا والارتقاء به الى مصاف الدول العظمى فى العالم فهى المكانه التى يستحقها والتى ولا شك مكانته التى خصصها الله له
وأما المجموعة الثالثة فهى الوزارات التى تنظم العلاقات والتعاملات الدولية بين مصر وباقى دول العالم العربية والإسلامية وغيرها والوزارات الادارية الاخرى وكان الهدف من تخصيص هذه المجموعة امرين الاول هو الارتقاء بالمكانة الدولية لمصر وان تتبوء مصر المكانة الدولية التى تستحقها وان يكون لها دورا قياديا ومحوريا وهاما فى الملفات الدولية الشائكة وأما الهدف الثانى فهو الوصول الى نظام ادارى متميز عالميا يضمن الشفافية والنزاهة وعدالة توزيع الحقوق والثروات ويكلف بمهمة المتابعة العامة لجميع الوزارات والأجهزة الادارية فى الدولة ومدى نجاحها فى تحقيق الاهداف التى وضعت لها وأيضا يتولى قياس ومعرفة مدى نجاح الحكومة فى تحقيق الاهداف التى وعدت الجمهور بانجازها
كانت هذه هى المجموعات التى تم تقسيم الوزارات اليها اما الفئات التى تم تقسيم الوزارات اليها فكانت ثلاث وتتدرج حسب الاهمية من المجموعة (أ)الى المجموعة(ب)ثم المجموعه(ج) ترتيبا تنازليا
اما المجموعة (أ)فتضم وزارات التربية والتعليم ووزارة التعليم العالى ووزارة البحث العلمى ووزارة الخارجية ووزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الدفاع والإنتاج الحربى ووزارة المالية ووزارة الاعلام
وأما المجموعة الثانية فكانت تضم وزارات الصحة والسكان ووزارة النقل ووزارة الاستثمار والتجارة الخارجية ووزارة الزراعة واستصلاح الاراضى والموارد المائية ووزارة الصناعة ووزارة الدولى للشورى والحريات
وأما المجموعة (ج)وهى المجموعة الثالثة فتشمل وزارة التنمية المحلية والتخطيط ووزارة التنمية الادارية ووزارة التضامن والتكافل ووزارة السياحة ووزارة الاوقاف ووزارة البترول والموارد المالية ووزارة الكهرباء والطاقة ووزارة التكنولوجيا والاتصالات
كانت هذه هى التقسيمة التى اعتمدناها داخليا للوزارات كما انه كانت هناك العديد من التغييرات التى سنلجأ اليها ولكن بعد ان يستقر الوضع فكما تم دمج عدد من الوزارات كان سيتم الغاء وزارتى العدل والإعلام وسيتم استبدالهم بمجالس عليا فسيتم تكوين المجلس الاعلى للقضاء والذى سيتم انتخاب اعضاءه طبقا لشروط معينه تم الاتفاق عليها وتحديدها مع شيوخ القضاء فى مصر وأيضا سيتم انتخاب اعضاء المجلس الاعلى للإعلام وفقا لشروط خاصة اتفق عليها اساتذة وخبراء الاعلام فى مصر ولكن هذا سيتم بعد ان تنتظم الامور الاساسية والرئيسة فى البلاد
وأخذنا فى طرح الاسماء المرشحة لتولى الحقائب الوزارية المختلفة والأحزاب والشخصيات العلمية والسياسية التى سيتم اسناد حقائب وزارية اليها
كان من الاهداف الاساسية ان يتم اشتراك المجتمع المصرى بكافة اطيافه فى الحكومة وان تكون معبرة تعبيرا تاما عنه
وتم الاتفاق على التشكيل النهائى والأخير للحكومة الجديدة والتى ستكون اول حكومة مصرية يشكلها الاخوان
ولكن وللأسف تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فأصدقاء كفاح الامس والذين كانوا معنا قلبا وقالبا والذين أكدوا انهم لن يتخلوا ابدا عن بلدهم مصر فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها فوجئنا بهم يتخاذلون ويهربون بل ان بعضهم قد تحول بين يوم وليلة الى عدو ومهاجم والأدهى من ذلك ان بعضا منهم اخذ يطعننا فى ظهورنا ولكن كيف حدث هذا
لقد عرفت بهذه المؤامرات الدنيئة من رجل ليس بمصرى على الاطلاق انه السفير البريطانى فى مصر والقصة اننى فى اليوم التالى لاجتماعنا فى منزل الدكتور عبدالرحمن فوجئت بالسفير البريطانى يتصل بى _كانت هناك علاقة قديمة بينى وبينه عندما كنت فى انجلترا وتجددت بعد ان عدت الى مصر لأجده الملحق الثقافى البريطانى ثم السفير البريطانى- اخبرنى انه يريد مقابلتى سرا وفى اسرع وقت وكنت وقتها فى ميدان التحرير عائدا من مستشفى الجيش فقلت له
انا فى ميدان التحرير الان اقابلك فين بالضبط-
فاعطانى عنوان فيلا على الطريق الصحراوى الذى يربط بين القاهرة والإسكندرية وقال انه سينتظرنى هناك بعد ساعة من الان
توجهت بسيارتى مباشرة الى المكان الذى اعطانى عنوانه وهناك وجدت فيلا متواضعة وكان امامها رجل يرتدى جلبابا بسيطا يبدو من هيئته انه البواب فتوقفت بسيارتى على جانب الطريق ثم توجهت الى الرجل وألقيت عليه اللام ومما زاد من دهشتى ان الرجل رحب بى وفتح الباب وهمس فى اذنى قائلا
سعادة السفير مستنى سعادتك جوه-
دخلت وأنا اتعجب من هذه اللهجة والأسئلة تتصارع فى عقلى وراسى أهى صفقة يريد الانجليز عقدها معنا ام هى نوع من انواع الترغيب والترهيب ام ان هناك امور لم نحسب حسابها قبل ذلك وبدا تطفو الان وتخرج من مكامنها ام انها صفقة خاصة وذا كانت صفقة خاصة فهل ترى خاصة ببريطانيا ام انها صفقة اورو امريكية
طردت كل هذه الافكار من ذهنى فبعد لحظات سيتكشف لى كل شئ ولماذا اقلق وأنا على يقين من فضل الله ونصره وتذكرت قوله تعالى (ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادى الصالحون) فلم أعبأ او أبالى
وأمام الباب الداخلى للفيلا وجدت رجلا اخر يرتدى ملابس شبيهة بالتى كان يرتديها الرجل الاول ولكنها انظف منها قليلا فتح لى الباب بعدان اومأ لى برأسه محييا ودخلت من الباب لأجد رجلا ثالث سلم على وحيانى ثم سار امامى الى غرفة مكتب متوسطة فى الحجم وبعدما دخلنا كانت الغرفة خالية إلا من الاثاث الفحم التى زينت به وانحنى الرجل الذى كان معى الى الارض بعد ان حرك الكرسى الذى كان بالحجرة بطريقة هندسية غريبة وفتح بابا فى ارضية الغرفة هبط منه ثم اشار لى بان اتبعه
وبعدما نزلنا السلم وجدت السفير البريطانى يجلس وأمامه شاشة عرض كبيرة وبعد ان تبادلنا السلام والتحيات اشار بيده الى الرجل الذى كان معى فانصرف ثم اخذ يعتذر لى عن استضافتى فى هذا المكان وانه لولا ان الامر سرى للغاية لكان لقائنا فى السفارة ولكن كان لابد من ان يكون هذا اللقاء هنا وفى هذه القاعة خاصة حيث انها مصممة خصيصا بحيث لا يستطيع اى شخص او اى جهاز مخابرات ان يعلم بما يجرى فيها
(يتبع)
No comments:
Post a Comment